يحتفل العالم في الـ 27 من سبتمبر من كل عام بيوم السياحة العالمي، وهو مناسبة عالمية تهدف إلى تسليط الضوء على أهمية السياحة وتأثيرها الإيجابي على المجتمعات والاقتصادات، وبدأت منظمة السياحة العالمية (UNWTO) الاحتفال بهذا اليوم في عام 1980، ليكون منصة لتوعية العالم بأهمية السياحة كأداة للتنمية المستدامة وتعزيز الفهم المتبادل بين الثقافات المختلفة.
وتعتبر السياحة أحد أهم القطاعات الاقتصادية، حيث تساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي للعديد من الدول وتوفر الملايين من فرص العمل. فضلاً عن ذلك، فإنها تلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي، وتعزيز السلام والتفاهم الدولي. فمن خلال الاحتفال بهذا اليوم، يتم تشجيع الحكومات والمجتمعات على تطوير سياسات سياحية مستدامة تسهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
من هنا واستناداً إلى رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقها صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم وما أشار إليه في كتاب التكليف السامي للحكومة حيث قال " تشكل الظروف الإقليمية المحيطة تحديا كبيرا أمام العديد من القطاعات وفي مقدمتها قطاع السياحة، أحد أهم موارد اقتصادنا الوطني، وهذا يتطلب من الحكومة تعزيز منعة هذا القطاع وإعداد خطط واضحة للتعامل مع التحديات، وتفعيل نظام صندوق تنمية وتطوير القطاع السياحي، كما من الضروري إبراز صورة الأردن كوجهة سياحية آمنة وعلى مدار العام رغم الاضطرابات الإقليمية" :
صرحت وزيرة السياحة والآثار لينا عناب "أن اهمية هذا اليوم تكمن في تسليط الضوء على هذا القطاع الفاعل والحيوي الذي يساهم بشكل فعلي وفوري في دعم الاقتصاد الوطني، وتنمية المجتمعات المحلية من خلال توفير خدمات مستدامة وتعزيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأن القطاع السياحي الأردني شهد تطورا ملحوظا في الخمس والعشرين سنة الماضية من خلال الزيادات الملحوظة في أعداد الفنادق والمطاعم السياحية ومنظومة النقل السياحي المتطورة والحديثة، بالاضافة الى البرامج التدريبية والمعاهد والكليات المتخصصة بتخريج افواجا من الاردنيات والاردنيين المحترفين والعاملين في القطاع اليوم في الاردن والدول المجاورة،اضافة الى البنية التحتية والخدمات والمرافق والتي وضعت الأردن في مقدمة دول المنطقة سياحيا، ولاسيما ان الاردن كان في مقدمة الدول المتعافية من أزمة كورونا وتجاوز سنة القياس العالمية 2019 بنسبة 18.5% بعدد الزوار و27.9% في الدخل السياحي في عام 2023".
وأضافت عناب "ان الاردن "مملكة الزمن" مرت عليها حضارات من أربعة عشر ألف سنة حيث اكتشف اول رغيف خبز، وتماثيل عين غزال قبل تسعة آلاف سنة، مرورا بالعمونيين والادومين والاغريق والانباط والرومان والبيزنطين وحضارة الدولة الإسلامية حتى يومنا هذا، تشكل أيقونة للسياحة العالمية".
وأكدت عناب "ان الاردن لديه مائة الف موقع أثري، ستة عشر ألف منهم مسجلين على السجل الوطني و سبعة مواقع مسجلة على لائحة التراث العالمي لليونسكو ومنهم البترا احد عجائب الدنيا السبعة، ولدينا خمسة مواقع معترف بها من قبل الفاتيكان للحج المسيحي وهو ما يجعل الأردن من أهم البلدان السياحية في المنطقة إن لم يكن بالعالم بأسره. بالاضافة الى سمعة الامن و الامان والضيافة الاستثنائية التي يتمتع بها الأردن وأهله.
عناب اوضحت ان التنوع الكبير الذي يشهده قطاع السياحة الأردني يجعل منه ايضا مقصدا رئيسيا ليس فقط للسياحة الثقافية والتاريخية، بل والعلاجية وسياحة المغامرات، فدرب الاردن هو احد اهم عشرة مواقع لسياحة المغامرات حسب تصنيف الناشونال جيوغرافيك العالمية، بالاضافة الي السياحة الاستشفائية وخصوصا في البحر الميت الذي يعد اكبر موقع طبيعي للسياحة العلاجية والاستشفائية في العالم، ناهيك عن سياحة الشاطئ والغوص في العقبة بالإضافة إلى 850 تجربة سياحية محلية في جميع أنحاء المملكة.
وتأتي أهمية القطاع السياحي في الأردن كأحد الركائز الرئيسية للنمو الاقتصادي، حيث يجمع بين جمال الطبيعة الغنية، والتاريخ العريق، والضيافة الاستثنائية. إن تعزيز هذا القطاع ليس مجرد استثمار في الاقتصاد، بل هو أيضًا استثمار في مستقبل الأجيال القادمة، مما يفتح الأبواب أمام فرص جديدة ويساهم في الحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي. لذا، فإن الوقت مناسب أكثر من أي وقت مضى لاستكشاف إمكانيات السياحة الأردنية ودعمها بكل الامكانيات في ظل التحديات العالمية، كما وتُعتبر السياحة أداة فعالة لبناء المرونة الاقتصادية لتكون قوة دافعة لتحقيق التنمية والازدهار.
لقد حققت وزارة السياحة والآثار الأردنية سلسلة من الإنجازات البارزة خلال الاعوام السابقة، ما يعكس التزامها بتعزيز القطاع السياحي في المملكة ومنعته، حيث استقبلت الوزارة الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية، في الاجتماع السنوي الـ49 للجنة المنظمة للشرق الأوسط ، الذي نوقش فيه سبل تعزيز التعاون وتطوير القطاع السياحي،أعلنت وقتها المنظمة الأردن كمركز إقليمي للسياحة العلاجية والاستشفائية، مما يبرز مكانة المملكة بفضل البنية التحتية الطبية المتطورة وتكاليف العلاج المنافسة وجودة الخدمات. كما قامت الوزارة بفتح أسواق سياحية جديدة، مع دول مثل كينيا ورواندا وإثيوبيا والهند، مما يعكس جهودها لاستقطاب السياح من أسواق جديدة وتعزيز السياحة المستدامة.
وعملت الوزارة على تعزيز التعاون مع الصين من خلال العمل على تنظيم رحلة إلى الصين واستقبال السواح الصينيين في المملكة مؤكده دعم المملكة لمبادرة الحضارة العالمية التي طرحتها الصين في عام 2023 لتعزيز الحوار بين مختلف الحضارات ودفع الإزدهار المشترك للحضارات المختلفة.
وعلى الصعيد الثقافي، فقد تم ادراج موقع أم الجمال الأثري في عام 2024 على لائحة التراث العالمي لليونسكو، مما يضيف إلى قائمة مواقع الأردن التراثية الستة الأخرى والتي تشمل البترا وقصير عمرة وأم الرصاص ووادي رم والمغطس والسلط . يعكس هذا الإدراج التنسيق الفعال بين المؤسسات الوطنية والجهود المستمرة للحفاظ على التراث بمختلف أنواعه.
وكان قرار مجلس الوزراء الموافقة على الاستراتيجيَّة الوطنيَّة لتطوير السِّياحة الاستشفائيَّة في الأردن للأعوام 2024 – 2026، والتي اعدتها الوزارة منسجماً مع رؤية التَّحديث الاقتصادي، وبما يسهم في تطوير قطاع السِّياحة الاستشفائيَّه في المملكة.
وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية واستكمالا للجهود التي تقوم بها وزارة السياحة والآثار وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة في جهود إدراج ملف محمية العقبة البحرية في لائحة التراث العالمي لليونسكو تستمر الوزارة في عقد اجتماعات مع الجهات المعنية لضمان تقديم ملف متكامل وفق المعايير العالمية. تسهم هذه الإنجازات في تعزيز مكانة الأردن على خريطة السياحة العالمية، وتعكس التزام الوزارة بتحقيق التنمية المستدامة وتنشيط الاقتصاد الوطني.
إن الزيارات الملكية السامية لجلالة الملك للمحافظات الأردنية من شمالها الى جنوبها ولقاء أهالي المحافظات في المواقع الأثرية والتاريخية كموقع أم الجمال الأثري، وقصر المشتى في البادية الوسطى، وقلعة مكاور الأثرية في مأدبا، وموقع جرش الأثري، الذي شهد افتتاح المركز الإقليمي للصيانة والترميم. وزيارة ساحة قلعة العقبة، سلط الضوء على جمال هذه الأماكن وأهميتها الثقافية.ومنح المواقع الأثرية أهمية كبرى، حيث تحمل رسالة قوية لدعم وتعزيز القطاع السياحي كأحد روافد الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة، بما في ذلك تراجع السياحة نتيجة الأزمات، مثل الحرب على غزة. تؤكد هذه الجهود على التزام جلالة الملك بتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانة الأردن كوجهة سياحية غنية بالتاريخ والثقافة.
وفي أحدى الزيارات الملكية أصطحب جلالة الملك عبدالله الثاني جلالة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، في زيارة لمتحف الأردن، حيث استعرضا أبرز المحطات والمقتنيات التي توثق الإرث الثقافي والتاريخي للأردن منذ أكثر من مليون ونصف المليون سنة كتماثيل عين غزال،وغيرها من نماذج الابتكار والإبداع الإنساني التي تعكس كيفية مواجهة التحديات الحياتية والبيئية، بما في ذلك الأمن الغذائي، وأنظمة الحصاد المائي، والتقنيات الزراعية، ومواد البناء.
بالإضافة إلى ذلك، سيتم افتتاح متحف الطفيلة قريبًا تحت الرعاية الملكية السامية ، مما يعكس التزام جلالته بتعزيز المشهد الثقافي في المملكة. تظهر هذه الاهتمامات الملكية بالمتاحف أهمية كبيرة، إذ تعزز من الهوية الوطنية وتسلط الضوء على التاريخ الغني للأردن. مما يسهم في جذب الزوار المحليين والدوليين. هذه الجهود تسهم في رفع الوعي بقيمة التراث الثقافي وتشجيع البحث والدراسة في مجالات التاريخ والآثار، مما يعزز مكانة الأردن كوجهة ثقافية متميزة.
أما الجانب الاقتصادي في السياحة فهو من أهم روافد الاقتصاد الوطني في الأردن حيث بلغت مساهمة الدخل السياحي في الناتج المحلي الإجمالي للعام 2023 نحو14.6 %، وهي الأعلى منذ 24 عاما. كما شهد القطاع استثمارات كبيرة في البنية التحتية. تعكس هذه الأرقام أهمية السياحة كأحد المحركات الرئيسية للاقتصاد الأردني، مما يستدعي تعزيز الجهود لدعم هذا القطاع وزيادة جاذبيته على المستوى العالمي.
اما ما يخص علاقة الأردن بمنظمة السياحة العالمية (UN Tourism) فهي علاقة استراتيجية مهمة لتعزيز قطاع السياحة في المملكة. كونها عضوًا مؤسسًا في المنظمة منذ عام 1975، اذ تستفيد الأردن من الدعم والخبرات التي تقدمها، بما في ذلك برامج التدريب وورش العمل التي تعزز مهارات العاملين في القطاع.
و تسعى المملكة أيضًا إلى الترويج للوجهات السياحية دوليًا بالتعاون مع المنظمة، مما يساهم في جذب المزيد من السياح. بالإضافة إلى ذلك، توفر المنظمة الإرشادات والدعم الفني في مجالات التخطيط والتنمية المستدامة، مما يساعد الأردن على تطوير استراتيجيات فعالة لتعزيز السياحة.
يُشار الى أن الأردن ترأست أعمال الاجتماع الـ 50 للجنة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط بمنظمة الأمم المتحدة للسياحة الذي استضافته سلطنة عُمان ممثلة بوزارة التراث والسياحة حيث تم مناقشة العديد من الموضوعات المتعلقة بتنمية القطاع السياحي في المنطقة.