رعى سمو الأمير الحسن بن طلال، اليوم الثلاثاء، افتتاح فعاليات المؤتمر الدولي تاريخ وآثار الأردن الخامس عشر بعنوان "الآثار في محيطها البيئي والاجتماعي"، والذي تنظمه دائرة الآثار العامة بالتعاون مع جامعة اليرموك، ويستمر لمدة ثلاثة أيام.
وحضر الافتتاح سمو الأميرة دانا فراس، والشيخة مي بنت محمد آل خليفة، ضيفة المؤتمر من مملكة البحرين، ووزير السياحة والآثار نايف الفايز ورئيس جامعة اليرموك الدكتور إسلام مساد، ومدير عام دائرة الآثار العامة الدكتور فادي بلعاوي، ورؤساء جامعات رسمية وخاصة، ونواب، ووزراء سابقون ومسؤولون وفعاليات رسمية وشعبية وعمداء كليات وأعضاء هيئة تدريس وطلبة من جامعة اليرموك.
وقال سموه، في كلمة خلال افتتاح المؤتمر، إن هذه اللقاءات تؤكد أن الثقافات تتجاوز الحدود وتتخطى الحواجز للوصول إلى الفهم المشترك وذلك للحديث عن التراث الثقافي كأساس للمستقبل.
وأشار سموه إلى أن التراث مورد متطور يدعم الهوية والذاكرة والإحساس بالمكان والزمان وله دور حاسم في تحقيق التنمية المستدامة، موضحاً أن هنالك العديد من الإشارات المباشرة وغير المباشرة للثقافة والتراث باعتبارهما محركاً أساسياً وعاملاً مهما لتمكين كل نظم التنمية المستدامة بما في ذلك التواصل الفكري، والاعتراف بأهمية التنوع.
ولفت سموه إلى إمكانية استثمار ورش العمل الخاصة بحفظ الآثار والمواقع الأثرية والتاريخية وكيفية الحفاظ عليها، كمنصة محايدة تجتمع فيها الثقافات والهويات المختلفة لتعزيز السلام.
ونوه إلى أن المُتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية تحتم على الجميع التعامل معها في إطار شمولي يسعى إلى استثمار تعددية الهويات واحترامها لتنمية التقارب الثقافي الفكري.
ووقع سموه الأمير، خلال حفل الافتتاح، على جدارية من الفسيفساء، وافتتح معرض "الأردن قصة الحضارة".
ولفتت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، من جانبها، إلى أن البحرين يحتضن مركزا إقليميا يتبع لليونسكو للمحافظة على مواقع التراث الإنساني العالمي، لافتة إلى أن المواقع الأثرية التي يجري تسجيلها في قائمة التراث الإنساني العالمي لابد أن تكون ذات قيمة استثنائية وأن تحقق شروطا معينة، مشددة على أنه لا يمكن الترويج للسياحة دون أن تكون السياحة والآثار ضمن منظومة واحدة وتجمعهما الثقافة التي بها نحمي أوطاننا ونحافظ على هوياتنا.
وأضافت أن المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي في البحرين أطلق مسابقة تحت عنوان "حكاية أثر" تسعى إلى أن يحكي المجتمع المدني المحيط بالموقع الأثري رواية وذاكرة المكان وأن يسجلها بفيلم أو كتيب أو أية وسيلة للتعبير عن ارتباط المجتمع بهذا الأثر وحكايته، حيث جرى التقدم بـ 216 مشاركة في هذه المسابقة من 17 دولة عربية من ضمنها الأردن، وسيجري إعلان نتائج المسابقة في أيلول المقبل مع الاحتفال بمرور 10 أعوام على تأسيس المركز.
وقال وزير السياحة والآثار نايف الفايز، بدوره، إن هذا المؤتمر يشكل فرصة للاستفادة من لقاء علماء الآثار والباحثين وأصحاب الاختصاص للتشاور حول ما يشكله التأثير البيئي والاجتماعي على الآثار، ورسم خارطة طريق للحفاظ على هذا الموروث واستدامته للأجيال المقبلة، من خلال مناقشات محاور المؤتمر التي ستبنى على نتائج المؤتمرات السابقة، وصولا إلى إضافات مميزة في علوم الآثار، الأمر الذي سيعزز من النتاج العالمي أفكارا واكتشافات جديدة، من خلال تسليط الضوء على دور الأردن في الحفاظ على الموروث الثقافي وإبراز هويتنا الحضارية التي نعتز بها.
وأوضح أن اختيار شعار دائم للمؤتمر، بما يحمله من رمزية لأقدم التماثيل التي جرى اكتشافها في موقع عين الغزال الأثري، جاء ليؤكد أن وطننا قديم قدم التاريخ، ما يحفزنا دوما إلى الترويج عالميا لموروثنا التاريخي والأثري.
ودعا رئيس جامعة اليرموك الدكتور اسلام مساد، من جانبه، المشاركين في المؤتمر إلى الخروج بتوصيات من شانها أن تسهم مساهمة فاعلة في دراسة التراث الحضاري للأردن، بما يعود بالنفع والفائدة على مؤسساتنا الأكاديمية ووطننا وآثاره.
وأشار إلى أن للجامعة الصدارة بين المؤسسات الأكاديمية الأردنية في دراسة تراث الأردن الحضاري والحفاظ عليه، حيث أن كلية الآثار والأنثروبولوجيا فيها أكبر وحدة أكاديمية في الأردن تعمل بمجال الآثار، والأنثروبولوجيا، والكتابات القديمة، وصيانة المصادر التراثية وإدارتها، مشيراً إلى أنه بات من الضرورة اليوم أن يصدر البحث والدرس العلميين للتراث الحضاري في الأردن عن فهم محلي أصيل، يساهم في وضع سردية وطنية تستند إلى المعطيات العلمية، من جهة، وإلى الفهم المحلي لمفردات التراث الحضاري، من جهة أخرى، بما يسهم آخر الأمر، في تشكيل هويتنا الوطنية الأردنية ضمن الإطار الإنساني العام.
وقال مدير عام دائرة الآثار العامة الدكتور فادي بلعاوي، إن المؤتمر يهدف إلى تسليط الضوء على المعالم والمواقع الأثرية في ظل التغيرات ضمن محيطيها البيئي والاجتماعي، والعمل على تطوير رؤية إدارة قطاع الآثار بالتشاركية مع جميع المعاهد والمؤسسات العلمية والشركاء الدوليين والداعمين لمواجهة التغيرات البيئية والاجتماعية في محيط المواقع الأثرية وما يشهده العالم من تحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وتحولات أنماط سلوك الطقس والأنشطة البشرية من خلال زيادة أعداد السكان في محيط المواقع الأثرية والطلب المتزايد على الخدمات والبنى التحتية.
وأشار إلى أن دائرة الآثار العامة تسعى من خلال العمل مع الشركاء كافة على مواجهة التحديات المؤثرة على نجاح هذا القطاع من خلال إيجاد مفهوم جديد لإدارة قطاع الآثار ومواجهة مشكلة تطوير مفهوم العمل الإلكتروني من خلال تطوير قواعد البيانات للمواقع الأثرية.
رئيس اللجنة العلمية العليا للمؤتمر الدكتور فايز خصاونة ألقى كلمة قال فيها، إننا نجتمع اليوم لنروي قصة الأردن وما حولها عبر العصور، حيث يعد هذا المؤتمر قصة عيش في نسختها الخامسة عشرة.
وأضاف أنه، وعلى الرغم من كل ويلات الحروب، فإن الشعوب في بلاد الشام استطاعت بناء نظامها وهيكلها الاجتماعي الثابت، وتمكنت من بناء القواعد للأخلاق والقيم التي استطاعت أن تصمد أمام الاختبارات عبر الزمن، وأغنت الإنسانية بمساهمة فاعلة في مختلف المجالات التي تهم الإنسان خاصة في بناء الحكمة والمعتقدات.
يذكر أن مؤتمر تاريخ وآثار الأردن، والذي يعقد كل ثلاثة أعوام، أقيم للمرة الأولى في أكسفورد- بريطانيا عام 1980، وجاء بمبادرة من سمو الأمير الحسن بن طلال واستضافته خلال العقود الماضية دول مختلفة من بينها ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وأميركا، واستراليا، وإيطاليا.